السبت، 16 أغسطس 2008

لهذا يختلف " المخيم"


في مساحة الأمتار المتروكة هباءً بين أزقة المخيم ، لنا
ذكريات ،أحلام ، أصحاب ، مشاكل ، هموم ، ضحكات ودموع .
فهنا ولدت لاجئة ببطاقة زرقاء، وانتسبت لمدرسة للاجئين،وهنا منحتني الأمم المتحدة دفاتر وأقلام وملابس مدرسية وطعام
وهنا أيضا أنتظر موعد تسليم الكوبونة ، وتقاسمت الخمس شواكل بالعيد وإخوتي الأربعة

و هنا وصمت "بشرف اللجوء"

في المخيم
حكايات ...

أم محمد الجارة العجوز التي لا تنجب .. تبنت طوعا واحد من أبناء أم إسماعيل تدفع عليه دم قلبها .. حتى بكون سندا لها في الكبر ، وكأن العمر يحتمل دفع دم جديد .. وانتظار المجهول >> مسكينة أم محمد

وأبو خليل بياع الفلافل .. أقسم بالله مُغلظا أن (قرص الفلافل بيرقص ) لما أصاب زلزال خفيف المنطقة >> يبدو أن الأرض في القوى أكثر ثباتا منها في المخيم .
وهنا مهدي الشاب الظريف .. لاحق ابنة الجيران حتى ربطه والده بـ (عمود كهرباء وسط المخيم ) >> نيالك يا مهدي .. أصبحت عيسى وبكتك نسوة الحي كلها .
وهنا ( أبو رسلان ) الرجل ( الأهبل ) الذي كان يطاردنا إذا ما مررنا صدفة أمام عتبه بيته >> خيبة اللجوء أعمت بصيرته فلا يميز بين الطفل الصغير والجندي الذي يحمل سلاحا يرغمه به على الرحيل .. خيبة اللجوء وذكريات حمراء حملها في ذاكرته الخمسينية أعمت بصيرته .

( وعطية ) المنحوس .. مدرس اللغة العربية سابقا .. يحمل شنطته بيده ويدور في أزقة المخيم << الضيقة >> يذكر الناس بالمفعول والمنصوب والمجرور .. شارحا سبب الهجرة باختلاف العلماء على إيجاد ( حتى ) المصدرية ،،
كنا إذا ما مَّر أمامنا تعوذنا بالله من المصائب فهو ( منحوس ) يجلب للناس البلاء >> ظنا منا أن البلاء بعيد عن ملامحنا التي يملؤها التراب

وهنا الحج عمر والحج صافي والحج محمد والحج الحمراوي ( لشدة احمرار وجنتيه ) يلعبون ( السيجة والقال ) >> فهم بعد ضياع الأرض والمنجل ( يبعزقون ) آخر ما تبقى من العمر على ناصية الشارع الرملي
.................
في المخيم
أعلنت للعالم ولادتي ..منذ أول نفس لي في مستشفى حكومي >> " فالعمر يبدأ بنفس استنشقه يوم ميلادي .. لأزفره يوم الوفاة ، وما أقصره"

وفي المخيم كبرت عشرين سنة .. وأكثر .. يبدو أن بمقدوره أن يتحملني أكثر وأكثر
هنا في المخيم .. اجتاحتني لحظات فرح .. كما لو أنها طوفان
وهنا في المخيم .. احتضني الليل بدموعي وحيدة ووحيد ..
تقاسمنا الهموم .. أنا والليل .. عشاقا وأصحابا .

وليل المخيم ما أسهل أن يطول إذا لمح دمعة تترقق في مقلتيك
وما أسرع أن يرحل .. إذا عرف من العصفورة انك ابتسمت لقصة حلم كنت قد رسمت له خطة وردية بسنة وأكثر ..




هناك تعليق واحد:

Dr_Love يقول...

ياله من واقع مرير يعيشه اهل المخيمات و أبنائهم فى ذل تخاذل عربى مهين ,لكم الله و المقاومة يأهل الارض المحتلة